فصل: الباب الحادي والعشرون : فيما أوله قاف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **


2869- قَلَبَ لَهُ ظَهْرَ المَجَنِّ

يضرب لمن كان لصاحبه على موَدَّة ورعاية ثم حَالَ عن العَهْد

كتب أمير المؤمنين على كرم الله وجهه إلى بن عباس رضي الله عنه حين

أخذ من مال البصرة ما أخذ‏:‏ أني شَرَكْتُكَ في أمانتي ولم يكون رجل من أهل أوثق منك في نفسي فلما رأيتَ الزمان على ابن عمك قد كَلِبَ، والعدو قد حَرِبَ، قَلبْتَ لابن عمك ظَهْرَ المِجَنِّ لفراقه مع المفارقين، وخَذْله مع الخاذلين، واختطَفْتَ ما قدرت عليه من أموال الأمة أختطاف الذئبِ الأزَلَّ رابيةَ المِعْزَى، اصْحُ رُويداً فكأنْ قد بَلَغْتَ المَدَى، وعُرْضَتْ عليك أعمالُكَ بالمحل الذي يُنادى به المغتَرُّ بالحسرة، ويتمنَّى المضيِّعُ التَّوْبَةَ والظالِمُ الرَّجْعَةَ‏.‏

2870- قَبْلَ الرَّمْىِ يُرَاشُ السَّهْمُ

يضرب في تهيئة الآلة قبل الحاجة إليها وهو مثل قولهم ‏"‏قَبْلَ الرِّمَاءِ تُمْلأ الكَنَائِنُ‏"‏

2871- قَدْ رَكِبَ رَدْعَهُ

يُقَال به رَدْع من زَعفران أوْدَمٍ، أي لَطْخ وأثر، ثم يُقَال للقتيل‏:‏ رَكِبَ رَدْعة، إذا خَرَّ لوجهه على دمه، ويقَال‏:‏ معنى ‏"‏ركب رَدْعة‏:‏ أي دخَلَ عنقُه في جوفه، من قولهم ‏"‏ارتَدعً السهمُ‏"‏ إذا رجَعَ نَصْلُه في سِنْخِه

2872- قَدْ ألقى عَصَاهُ

إذا استقرَّ من سَفَر أو غيره، قَال جرير‏:‏

فلَمَّا التَقَى الحَيَّانِ ألقَيتِ العَصَا * وَمَاتَ الهَوَى لمَّا أصِيبَتْ مَقَاتِلُهْ

وحكى أنه لما بُولع لأبي العباس السفَّاحِ قام خطيباً، فسقط القضيبُ من يده، فَتَطَيَّرَ من ذلك، فقام رجل فأخذ القضيبَ ومَسَحه ودَفَعه إليه وأنشد‏:‏

فألقتْ عَصَاهَا وَاسْتَقرَّتْ بِهَا النَّوَى * كَمَا قَرَّ عَيْنَاً بِالأيَابِ المُسَافِرُ

وقال علي بن الحسن بن أبي الطيب

الباخَرْزِىُّ في ضده‏:‏

حَمْلُ العَصَا لِلمُبْتَلَى * بالشَّيْبِ عُنْوَانُ البَلَى

وُصِفَ المسافِرُ أنَّهُ * ألْقَى العَصَا كيْ يَنْزِلاَ ‏[‏ص 102‏]‏

فَعَلَى القِيَاسِ سَبِيلُ مَنْ * حَمَلَ العَصَا أنْ يَرْحَلاَ

2873- قَشَرْتُ لَهُ العَصَا

يضرب في خُلُوص الود‏.‏

أي أظهرت له ما كان في نفسي، ويقَال‏:‏ أقْشِرْ له العَصَا، أي كاشِفْهُ وأظْهِرْ له العداوة

2874- قَتْلُ ما نَفْسٍ مُخَيَّرُها

‏"‏ما‏"‏ صلة، تخييرها، قَال عطاء بن مصعب‏:‏ معناه أنه كان بين رجلين مالٌ فاقتسما، فَقَال أحدهما لصاحبه‏:‏ اختر أي القسمين شئت ،فجعل ينظر إلى هذا القسم مرة وإلى هذا أخرى، فيرى كلَّ واحد جيدا، فيقوا صاحبه‏:‏ قَتْلُ ما نفسىٍ مخيرها، أي قتلت نفسك حين خيرتك‏.‏

يوضع في الشره والشجع‏.‏

ويروى ‏"‏قتلَ‏"‏ نفساً مخيرُها، أي إذا جعلْتَ الحكْمَ إلى مَنْ تسأله الحاجَةَ حمل لك على نفسه‏.‏

2875- قَدْ عَلقَتْ دَلوَكَ دلوٌ أخْرَى

أصله أن الرجل يُدْلِى دَلْوَه للاستقاء فيُرْسِلُ آخرُ دلوه أيضاً، فتتعلق بالأولى حتى تمنع صاحبها أن يستقى‏.‏

يضرب في الحاجة تطلب فيحول دونها حائل أي قد دَخَلَ في أمرك داخلٌ‏.‏

2876- قَدْ نَهَيْتك عَنْ شَرْبةٍ بالوَشَلِ‏.‏

الوَشَلُ‏:‏ الماء القليل، أي قد نهيتُكَ عن سُؤَال اللئيم‏.‏

2877- قَلَّ خِيسُهُ

قَال أبو عمرو‏:‏ الخِسُ اللَّبَنُ، يُقَال في الدعاء على الإنسان ‏"‏قَلَّلَ الله خيسُهُ‏"‏ أي لبَنَه‏.‏

2878- قَدْ قِيلَ ذَلِكَ إنْ حَقَاً وإنْ كَذِباً

قَالوا‏:‏ إن أولَ من قَال ذلك النعمانُ بن المنذر اللَّخمىُّ للربيع بن زياد العبسي، وكان له صديقاً ونديماً، وإن عامراً مُلاَعِبَ الأسِنَّةِ وعَوف بن

ابن الأحوص وسُهَيلَ بن مالك ولبيدَ بن رَبيعةَ وشَمَّاساً الفَزَاري وقلابة الأسَدِى قَدِمُوا على النعمان، وخَلَّفُوا لَبِيداً يرعى إبلهم، وكان أحْدَثهم سِنّاً، وجعلوا يَغْدُونَ إلى النعمان ويرحون، فأكرمَهُم وأحْسَنَ نُزُلَهم، غيرَ أن الربيع كان أعظمَ عنده قَدْراً، فبَينما هم ذاتَ يوم عند النعمان إذ رجز بهم الربيعُ وعابَهُم وذكرهم بأقبح ما قَدَرَ عليه، فلما سمع القومُ ذلك انصرفوا إلى رِحَالهم، وكل إنسانٍ ‏[‏ص 103‏]‏ منهم مُقْبِلٌ على بَثِّه، ورَوَّحَ لبيد الشَّوْل، فلما رأى أصحابه وما بهم من الكآبة سألهم‏:‏ مالكم‏؟‏ فكتَمُوه، فقال لهم‏:‏ والله لا أحفظُ لكم مَتَاعاً ولا أسْرَحُ لكم إبلاً أو ْتُخْبِرُونى بالذي كنتم فيه، وإنما كَتَمُوا عنه لأن أم لبيدٍ امرَأة من عَبْس، وكانت يتيمة في حَجْرِ الرَّبيع، فَقَالوا‏:‏ خَالُكَ قد غَلَبَنَا على الملك وصَدَّ بوجهه عنا، فَقَال لبيد‏:‏ هل فيكم مَنْ يكفيني وتُدْخِلُونني على النعمان معكم‏؟‏ فواللاَّتِ والْعُزَّى لأَدَعَنَّهُ لا ينظر إليه أبداً، فخلفوا في إبلهم قلابة الأسدى، وقَالوا لبيد‏:‏ أوْعندك خير‏؟‏ قَال‏:‏ سترون، قَالوا‏:‏ نَبُلُوك في هذه البَقْلضة، لبَقْلَةٍ بين أيديهم دَقِيقَة الأغصان قليلة الأوراقَ لاصقة بالأرض تدعى التَّرَبَةُ صِفْهَا لنا واشْتُمْهاَ، فقال‏:‏ هذه التربة التي لا تُذْكِى ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تَسُرُّ جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كَليل، وخيرها قليل، شَرُّ البقول مَرْعى، وأقصرها فَرْعا، فَتَعْساً لها وجَدْعا، القَوابى أخا عبس، أردُه عنكم بتَعس، وأدعه من أمره في لَبْس، قَالوا‏:‏ نُصْبِحُ فنرى رَأينَا، فَقَال لهم عامر‏:‏ انظر هذا الغلام، فإن رأيتموه نائما فليس أمره بشَيء، وإنما يتكلم بما جاء على لسانه، ويَهْذِى بما يَهْجِس في خاطره، وإن رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم، فرمَقُوه، فرأوه قد رَكِبَ رَحْلا حتى أصبح، فخرج القومُ وهو معهم حتى دخلوا على النعمان وهو يتغدَّى والربيعُ يأكل معه، فَقَال لبيد‏:‏ أبيتَ اللَّعن‏!‏ أتأذن لي في الكلام‏؟‏ فأذن له، فأنشأ يقول‏:‏

يَارُبَّ هَيْجَا هيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَهُ * أكُلَّ يَوْمٍ هامتي مُقَرَّعَهْ

نَحْنُ بَنُو أمِّ البَنِينَ الأرْبَعَةْ * وَنَحْنُ خَيْرُ عامر بنِ صَعْصَعهْ

المُطْعِمُونَ الجَفْنَةَ المُدَعْدَعَهْ * وَالضَّارِبُونَ الهَامَ تَحْتَ الخَيضَعَهْ

يا واهبَ الخَيْرِ الكَثِيرِ مِنْ سَعَهْ * إليكَ جَاوَزْنَا بلاداً مَسْبَعَهْ

نُخْبر عَنْ هذَا خَبِيراً فَاْسمَعَهْ * مَهْلاً أبيْتَ اللَّعْنَ لاَ تَأْكُلْ مَعَهْ

إنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ * وَإنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا إصْبَعَهْ

يُدْخِلُها حَتَّى يُوارِى أشْجَعَهْ * كأنَّهُ يَطْلُبُ شَيئاً أْطْمَعَهُ

ويروى ‏"‏ضَيَّعَهْ‏"‏ فلما سمع النعمانُ الشعرَ أفَّفَ، ورفع يَدَه من الطعام، وقَال للربيع‏:‏ أكذاك أنت‏؟‏ قَال‏:‏ لا، واللاتِ لقد كَذَبَ ابنُ الفاعلة، قَال النعمان‏:‏ لقد خَبُثَ علىَّ طعامي، فغضب الربيع وقام وهو يقول‏:‏ ‏[‏ص 104‏]‏

لئن رَحَلْتُ رِكَابِى إنَّ لي سَعَةً * مَا مِثْلُها سَعَةٌ عَرْضَاً وَلا طُولاَ

وَلَوْ جَمَعْتُ بنى لخمٍ بأسْرِهم * مَا وَازَنُوا رِيشةً مِنْ ريشِ سَمْوِيلاَ

فَابْرقَ بأرضكَ يانعمانُ مُتَكِئاً * مَعَ النَّطَاسِىِّ طَوْرَاً وَابنِ توفيلا

وقَال‏:‏ لا أبرحُ أرضَكَ حتى تبعثَ إلىَّ مَنْ يفتشني فتعلم أن الغلام كاذب، فأجابه النعمان‏:‏

شَرِّدْ بِرَحْلِكَ عَنِّى حَيثُ شِئت وَلاَ * تُكْثِرْ عَلَىَّ وَدَعْ عَنْكَ الأبَاطِيلاَ

فَقَدْ رٌميتَ بِداءٍ لسْتَ غاسِلَهُ * مَا جَاوَزَ النِّيلَ يَوْماً أهْلُ إبليلاَ

قَدْ قيلَ ذلِكَ إن حَقّاً وإنْ كَذِباً * فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ شَيء إذا قيلاَ

قوله ‏"‏بنو أم البنين الأربعة‏"‏ هم خمسة‏:‏ مالك بن جعفر مُلاعب الأسنة، وطُفيل بن مالك أبو عامر بن الطفيل، وربيعة بن مالك، وعُبَيْدة بن مالك، ومُعَاوية بن مالك، وهم أشراف بنى عامر، فجعلهم أربعة لأجل القافية‏.‏

و ‏"‏سمويل‏"‏ أحَدُ أجداد الربيع، وهو في الأصل اسم طائر‏.‏

وأراد بالنطاسى روميا يُقَال له سرحون ‏"‏وابن توفيل‏"‏ رومى آخر كانا يُنَادمان النعمان‏.‏

2879- قد اتَّخَذَ البَاطِلَ دَغَلاً

الدَّغَل‏:‏ أصله الشجر الملتفُّ، أي قد اتَّخذ الباطلَ مأوىً يأوى إليه، أي لا يخلوا منه‏.‏

يضرب لمن جَعَلَ الباطلَ مَطِية لنفسه

2880- قَدْ أحْزِمُ لَوْ أعْزمُ

أي إن عَزَمْتُ الرأي فأمضيتُه فأنا حازم، وإن تركت الصواب وأنا أراه وضيَّعْتُ العزم لم ينفعنى حَزْمِى كما قَال سَعْدُ بن ناشب المازنى‏:‏

إذا هَمَّ ألْقَى بَيْنَ عَينيَهِ عَزْمَهُ * وَنَكَّبَ عَنْ ذكرِ العَوَاقِبِ جَانِبا

2881- قَدْ بَلَغَ مِنْهُ البُلَغين

أي الداهية، قَالت عائشة لعلي رضي الله عنهما يوم الجمل حين أخذت‏:‏ قد بلغت منا البُلَغِينَ، ويُراد بالجمع على هذه الصيغة الدَّوَاهى العظام، وأصله من البلوغ، أي داهية بلغت النهاية في الشر‏.‏

2882- قَدْ ألْنَا وإيلَ عَلَيْنَا

الإيالة‏:‏ السياسة، أي قد سُسْنَا وسَاسَنا غيرُنا، وهذا المثل يروى أن زيادا قَاله في خطبته‏.‏

2883- قَدْ حَمِى الوَطِيسُ

قَال الأَصمَعي وغيره‏:‏ الوَطِيس حِجَارة ‏[‏ص 105‏]‏ مُدوَّرة، فإذا حميت لم يمكن أحدا أن يطأ عليها‏.‏

يضرب للأمر إذا اشتدَّ‏.‏

ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رُفِعَتْ له أرض مُؤتَةَ فرأى معترك القوم، فَقَال‏:‏ الآنَ حمَى الوطيسُ، آي أشتدَّ الأمر

2884- قَدْ تَقَطَعُ الدَّوَّيةُ النَّابَ

الدَّوُّ والدَّوِّيَّة‏:‏ المفازة، والناب‏:‏ الناقة المُسِنَّة‏.‏

يضرب للشيخ فيه بقية‏.‏

2885- اقْتُلُونى ومَالِكاً

أولُ من قَال ذلك عبدُ الله بن الزبير، وذلك أنه عانَقَ الأشْتَرَ النَّخَعِى فسَقَطَا عن جَوَاديهما إلى الأرض، واسم الأشتر مالك، فنادى عبدُ الله بن الزبير‏:‏

اقْتُلُونى وَمَالِكَاً * واقْتُلُوا مَالِكاً معي

فضرب مَثَلاً لكل مَنْ أراد بصاحبه مكروها وإن ناله منه ضرر‏.‏

2886- قَدْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً فَاليَوْمَ لاَ

أولُ من قَال ذلكَ فاطمة بنت مُرٍّ الخَثْعَمية، وكانت قد قرأت الكُتُبَ، فأقبل عبدُ المطلب ومعه ابنه عبدُ الله يريد أن يزوِّجه آمنة بنت وَهَب بن عبد مناف بن زُهْرَة بن كلاب، فمرَّ على فاطمة وهى بمكة، فرأت نُورَ النبوة في وَجْه عَبْد الله، فَقَالت له‏:‏ مَنْ أنت يافتى‏؟‏ قَال‏:‏ أنا عبدُ الله بن عبد المطلب ابن هاشم، فَقَالت‏:‏ هَلْ لك أن تَقَع على وأعطيك مائةً من الإبل‏؟‏ فَقَال‏:‏

أمَّا الحَرَامُ فَألمَمَاتُ دُونَهُ * وَالحِلُّ لاَ حِلَّ فأستَبِينَهُ

فَكَيفَ بِالأمْرِ الَّذي تَنْوِينَهُ * يَحْمِى الكَرِيمُ عِرْضَهُ وَدِينَهُ

ومضى مع أبيه، فزوَّجه آمنة، وظل عندها يومَه وليلته، فاشتملت بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم انصَرَفَ وقد دَعَتْه نفسه إلى الإبل، فأتاها فلم ير منها حِرْصاً، فَقَال لها‏:‏ هل لك فيما قلت لي‏؟‏ فَقَالت‏:‏ قد كان ذلك مرة فاليوم لا، فأرسلتها مَثَلاً‏.‏

يضرب في الندم والإنابة بعد الأجترام ثم قَالت له‏:‏ أي شَيء صَنعْتَ بعدي، قال‏:‏ زوجني أبي آمنة بنت وهب، فكنت عندها، فَقَالت‏:‏ رأيتُ في وجهك نورَ النبوة فأردت أن يكون ذلك في فأبى الله تعالى إلاَّ أنْ يَضَعه حيث أحَبَّ، وقَالت‏:‏

بَنِى هاشمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أخِيكُمُ * أمِينَةُ إذ للبـاه يَعتَلِجَانِ

كَمَا غَادَرَ المِصْبَاحُ بَعْدَ خُبُوِّهِ * فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَان ‏[‏ص 106‏]‏

ومَا كُلُّ ما نالَ الفتَى مِنْ نَصِيبِهِ * بِحَزْم، ولاَ مَافَاتَهُ بِتَوَانِ

فأجْمِلْ إذا طالَبْتَ أمْراً فَإنَّهُ * سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَصْطَرِعَانِ

وقَالت في ذلك أيضاً‏:‏

إنِّى رَأيْتُ مَخِيلَةً نَشَأتْ * فَتَلألأتْ بِخَاتِمِ القَطْرِ

لله مَا زُهْرِيَّة سَلَبَتْ * ثَوْبَيْكَ مَا اسْتلَبَتْ وَمَا تَدْرِى

2887- قَصِيرَةٌ عَنْ طَويلَةٍ

قَال ابن الأعرابى‏:‏ القصيرة التمرة، والطويلة النخلة‏.‏

يضرب لاختصار الكلام

2888- قَمْقَمَ الله عَصَبَهُ

يُقَال في الدعاء على الإنسان، قَال ابن الأعرابى وغيره‏:‏ معناه جَمَعَ الله

تعالى بعضَه إلى بعض، وقبض عَصَبه، مأخوذ من القَمقَام وهو الجيش يَجْمَعُ من ههنا وههنا حتى يَعْظُم‏.‏

2889- القَوْمُ طَبُّونَ

ويروى ‏"‏ما أطبون‏"‏ أي ما أبصرهم يُقَال ‏"‏رجلٌ طَبٌّ‏"‏ أي عالم حاذق، و ‏"‏ما أطَبَّهم‏"‏ أي ما أحذقَهم، فأما رواية مَنْ روى ‏"‏ما أطبون‏"‏ فلا أعلم لها وجها، إلا أن يُقَال‏:‏ رجل طَبُّ وأطَبُّ كما يُقَال‏:‏ خَشِن وأخشَن ووجِل وأوْجل ووَجِر وأوجَر، و ‏"‏ما‏"‏ صلة فيكون كقوله‏:‏ القوم طَبُّون‏.‏

2890- القَوْلُ مَا قَالتْ حِذَامِ

أي القولُ السديدُ المعتدُّ به ما قَالته، وإلا فالصَّدقَ والكذبُ يستويان في أن كلا منهما قولٌ‏.‏

يضرب في التصديق‏.‏

قَال ابن الكلبي‏:‏ إن المثل لُلجَيْم بن صَعْب والدِ حنيفة وعِجْلٍ، وكانت حَذَامِ امرأته، فَقَال فيها زَوجها لجيم‏:‏

إذَا قَالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوها * فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالتْ حَذَامِ

ويروى ‏"‏فأنصتوها‏"‏ أي أنصتوا لها، كما قَال الله تعالى ‏(‏وإذا كالوهم أو ْوَزَنُوهم‏)‏

أي كالوا لهم أو وَزَنُوا لهم‏.‏

2891- قَدْ أسْمَعَتْ لَوْ نَادْيتَ حَيّاً

يضرب لمن يُوعظ فلا يَقْبَل ولا يَفْهَم

2892- قَاتِلُ نَفْسٍ مُخَيَّلُها

التخييل‏:‏ التشبيه، يُقَال‏:‏ فلان يَمْصِي على المُخَيَّلِ، أي على غَرَر من غير يقين، و ‏"‏على ما خَيِّلَتْ‏"‏ أي على شبهة، والتاء للخطة، أي يمضي على الخطة التي خيلت له أو ْإليه‏.‏

يضرب لمن يطمع فيما لا يكون‏.‏‏[‏ص 107‏]‏

ويروى ‏"‏قاتل نفس مَخِيلتُها‏"‏ أي خُيَلاَؤُها‏.‏

يضرب في ذم التكبر‏.‏

2893- قَبْلَكَ مَا جَاءَ الخَبَرُ

أصله أن رجلا أكل مَحْرُوتا - وهو أصل الأنْجْذَان - فبات تخرج منه رياح مُنْتنة، فتأذَّى به أهله، فلما أصبح أخبرهم أنه أكل محروتا، فَقَالوا‏:‏ قَبْلَكَ ما جاء الخبر، أي قبل إخبارك جاء الخبر، و ‏"‏ما‏"‏ صلة‏.‏

2894- قَبْلَ حَسَاسِ الأَيْسَارِ

يُقَال‏:‏ حَسَسْتُ اللَّحْمَ وحَسْحَسْتُه، إذا ألقيته على الجمر، والأيسار‏:‏ أصحابُ الجَزُور في المَيْسِرِ، والواحد يَسَرٌ‏.‏

يضرب في تعجيل الأمر‏.‏

يُقَال‏:‏ لأفعلَنَّ كذا قبل حَساسِ الأيسار، وذلك أنهم كانوا يستعجلون نَصْبَ القُدُور فيمتلُّونَ‏.‏

2895- قُرِنَ الحِرْمَانُ بِالحَيَاءِ، وقُرِنَتْ الخَيبَةُ بالهَيبةِ

هذا كقولهم ‏"‏الحياء يمنع الرزق‏"‏ وكقولهم ‏"‏الهيبَة خَيبَة‏"‏

2896- قَرَّدَهُ حَتَّى أمْكَنَهُ

أي خَدَعَه حتى تمكَّنَ منه، وأصله نَزْعُ القُرَاد من البعير الصعب حتى يتمكن من خطمه

2897- قَيَّدَ الإيمانُ الفَتْكَ

يعني الغِيلَةَ، وهي القَتْل مَكْرا وفَجْأة، وهذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

2898- قَدْ أصْبَحُوا فِي مَخْضِ وَطْبٍ خَائِرٍ‏.‏

أي في باطل‏.‏

2899- أقْلِلْ طَعَامَكَ تَحْمَدْ مَنَامَكَ

أي أن كثرته تُورِثُ الآلام المُسْهِرَةَ

2900- قَدْ أخطأ نَوْأهُ

يضرب لمن رَجَعَ عَنْ حاجته بالخيبة‏.‏

والنَّوْء‏:‏ النهوض والسقوط، وهو واحد أنواء النجوم التي كانت العرب تقول‏:‏ مُطِرْنَا بَنْوءِ كذا، أي بطلوع النجم أوْبسقوطه، على اختلاف بين أهل اللغة فيه‏.‏

2901- اقْشَعَرَّتْ مِنْهُ الذَّوائِبُ

ويقَال ‏"‏الدوائر‏"‏ وهما لا يقشعران إلا عند اشتداد الخوف، والدوائر‏:‏ جمع دائرة، وهي حيث اجتمع الشعر من جنب الفرس وصَدْره، ويقَال‏:‏ قد قَفَّ شَعْرُه من كذا، إذا قام من الفزع‏.‏

يضرب مثلاً للجبان‏.‏

2902- أقَصَّتْهُ شَعُوبُ

هي اسم للمنية، معرفة لا تدخلها الألف ‏[‏ص 108‏]‏ واللام، أي تَبِعَتْهُ داهية ثم نجا، قَال الفراء‏:‏ يُقَال قَصَّه الموت، وأقصّهُ أي دنا منه‏.‏

2903- أقْصَرَ لَمَّا أبْصَرَ

أي أمسك عن الطلب لما رأى سوء العاقبة

2904- قِيلَ لِلْشَّحْمِ‏:‏ أين تَذْهبْ‏؟‏ قَال‏:‏ أَُقَوِّمُ المُعْوَجَّ

يعني أن السمن يستر العيوب‏.‏ يضرب للئيم يستغني فيبجَّلُ ويعظم

2905- قَدْ هَلَكَ القَيْدُ وأوْدَى المِفْتَاحُ

يضرب للأمر الذي يفوت فلا يمكن إدْراكه، لأنه إذا ذهب القيد لم يجد المفتاح ما يفتحه

2906- الإِنْقِبَاضُ عَنِ النَّاس مَكْسَبَةٌ للْعَدَاوةِ، وإفرَاطُ الأنْسِ مَكْسَبَةٌ لِقُرَنَاء السُّوءِ

قَاله أكثمُ بن صيفي، قَال أبو عبيد يريد أن الاقتصادَ في الأمور أدنى إلى السلامة

يضرب في توسط الأمور بين الغُلُوّ والتقصير، كما قَال الشاعر‏:‏

إنْ كُنْتُ مُنْبَسِطاً سُمِّيْتُ مَسْخَرَةُ * أوْكُنْتُ مُنْقَبِضاً قَالوا بِهِ ثِقَلُ

وإن أُعَشِرْهُمُ قَالوا لِهيبَتِناَ * وإِنْ أُجَانِبْهُمُ قَالوا بِهِ مَللُ

2907- اقْصِدِى تَصيَدِى

يضرب في الحثِّ على الطلب

2908- قَتَلَ أرْضَاً عَالِمُهَا

أصلُ القتلِ التَّذْلِيلْ يُقَال‏:‏ قَتَلْتُ الخَمر، إذا مَزَجْتَها بالماء، قَال‏:‏

إنَّ الَّتي نَاوَلَتْنِي فَرَدَدْتُها * قُتِلَتْ قُتِلْتَ فَهَاتِها لَمْ تُقْتَلِ ‏(‏البيت لحسان بن ثابت ووقع في نسخة ‏"‏قتلت قتلت فهات من لم تقتلي‏"‏ وفي أخرى ‏"‏فهاتِ مالم تقتل‏"‏ وما آثرناه موافقَ لما في ديوانه ولما اشتهرت به الرواية‏.‏‏)‏

ويراد بالمثل أن الرجل العالم بالأرض عند سلوكها يُذَللُ الأرض ويغْلِبُها بعلمه‏.‏

يضرب في مدح العلم‏.‏ ويقَال في ضدده‏:‏

2909- قَتَلَتْ أرْضٌ جَاهِلَهَا

يضرب لمن يباشر أمراً لا عِلْم له به‏.‏ وأما قولهم ‏"‏قَتل فلان فلاناً‏"‏ فهو من القتالِ، وهو الجسمُ فكأنه ضَرَبَهُ وأصاب قَتَالَهُ، كما يُقَال ‏"‏ بطَنَه‏"‏ إذا أصاب بَطْنَهُ، ‏[‏ص 109‏]‏ و‏"‏أنَفَهُ‏"‏ إذا ضَرَب على انفْهِ، وكذلك ‏"‏ صَدَرَهُ، ورأسَه، وفَخَذه‏"‏ وهذا قياس، قَال ذو الرمة في أن القَتَالَ هو الجسم‏:‏

ألم تعْلَمِي يَا مَيِّى أنَّا وبيننا * مَهَاوْن يَدَعْنَ الجَلْس نُحْلاً قَتَالُها

‏(‏الجَلس - بالفتح - الغليظ من الأرض وجمل جلس وناقة جلس‏:‏ أي وثيق جسيم‏)‏

أي ناحلا جِسْمَهُا

2910- قَدْ تَرَهَيأ القَومُ

إذا اضطرَب عليهم أمرهم أوْرأيُهم، قَال أبو عبيدة‏:‏ ترَهيأَ الرجل في أمره، إذا هَمّ بها ثم أمْسَكَ وهو يُرِيدُ أن يفعلَه، وأصل قولِهم ‏"‏ترهيأ الجمل‏"‏ هو ان يكون أحد العِدْلَينِ أثْقَلَ من الآخَر، وإذا كان كذلك ظهر اضطرابهما، فصار مَثَلاً لفقد الاستقامة‏.‏

2911- قَدْ يُؤْتَى عَلَى يَدَيِ الحَرِيصِ

يُقَال ‏"‏أتى عليه‏"‏ إذا أهلكه، واليد‏:‏ عبارة عن التصرف؛ لأن أكثر تَصَرُّفِ الإنسان بها، كأنه قيل‏:‏ أتَتِ المقاديرُ على يديه فمنعته عن المقصود، ويجوز أن تكون اليدُ صِلَةً؛ فيكون قد يؤتى على الحريص، أي قد يَهْلِكُ الحريصُ

يضرب للرجل يُوقع نفسَه في الشر حرصاً وشَرَهَاً

2912- قَدْ كَادَ يَشْرَق بالرِّيقِ

يضرب لمن أشرف على الهلكة ثم نجا ومن لا يقدر على الكلام من الرُّعبِ

2913- قَدْ يُؤخَذْ الجَارُ بِذَنْبِ الجَارِ

مَثَلٌ إسلامي، وهو في شعر الحكمى ‏(‏الحكمى‏:‏ أبو ونواس‏)‏

2914- قَوْلُ الحَقِّ لَمْ يَدَعْ لِي صَدِيقاً

يروى عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه‏.‏

2915- قَدْ يُمْتَطَى الصَّعْبُ بَعْدَ ما رَمَحَ

هذا قريب من قولهم ‏"‏الضَّجُورُ قَدْ تَحْلُبُ العُلْبَةَ‏"‏

2916- قَامَةٌ تَنْمِي وَعَقْلٌ يَحْرِى

النَّماء‏:‏ الزيادة، يُقَال‏:‏ نَمَا يَنْمُو وَيَنْمِي، والحرى‏:‏ النقصان، يُقَال‏:‏ حَرَى يَحْرِى، قَال أبو نُخَيْلَةَ‏:‏

مَا زَالَ مُذْ كَانَ عَلَى أسْتِ الدَّهْرِ * ذَا حُمْقَ يَنْمِي وَعقْلٍ يَحرِى

يضرب للذي له مَنْظَر من غير مخبر

2917- قَدْ يُدْرِكُ المُبْطئ مِنْ حظِّهِ

هذا ضد قولهم ‏"‏آخرُهَا أقَلُّها شُرْبَاً‏"‏‏[‏ص 110‏]‏

2918- قِرْنُ الظَّهْرِ لِلْمَرْءَ شَاغِلٌ

أقرانُ الظهر‏:‏ الذين يجيئون من وَرَاء ظهرك في الحرب

2919- قَدْ كُنْتُ قَبْلَكِ مَقْرُورَةً

تزعم العرب أن الضَّبُعَ رأتْ ناراً من مكان بعيد، فقابلتها وأقْعَتْ، فِعْلَ المُصْطَلِى وقَالت‏:‏ قد كنت قبلك مقرورة

يضرب لمن يُسَرُّ بما لا يناله منه خير

2920- قَدْ رَكِبَ السَّيْلُ الدَّرَجَ

أي طريقَهُ المعهود

يضرب للذي يأتي الأمرَ على عهد ويروى ‏"‏قد عَلِمَ السيلُ الدَّرَجَ‏"‏ أي علم وجهه الذي يمر فيه ويمضي

2921- قَدْ طرًّقَتْ بِبِكْرِهَا أُمُّ طَبَقٍ

التطريق‏:‏ أن يَنْشَبَ الولَدُ في البطن فلا يَسْهُلُ خروجه، والبكر‏:‏ أول ما يولد، وأم طبق‏:‏ السُّلْحَفَاة، وهي اسم للداهية‏.‏

يضرب للأمر لا مَخْلَصَ منه

ويروى ‏"‏طَرَقَتْ‏"‏ بالتخفيف من قولهم ‏"‏طَرَقْتُه‏"‏ إذا اتيته ليلاً، يعني أتت الداهية ليلا بأمرٍ لم يُعْهَدْ مثلثه صعوبةً

2922- قِيلَ لِلْبَغْلِ‏:‏ مَنْ أبُوكَ‏؟‏ قَال‏:‏ الفَرَسُ خَالِي

يضرب للمُخْلِّط

2923- قَدْ ءَفَتْنِي‏؟‏‏؟‏ سيرتي وَأطَّتْ

يضرب لمن يشفقَ ويعطف عليك

2924- قَدْ فَكَّ وَفَرَجَ

يُقَال‏:‏ فَكَّ الرجلُ يُفَكُّ فُكُوكاً فهو فَاكٌّ، إذا استَرْخَى فَكُّه هَرَمَاً، وكذلك فَرَجَ

من قولهم‏:‏ قَوْسٌ فارِجٌ وفَرِيج، إذا بان وتَرُهَا عن كبدها، ويروى فَرَجَ وفَرَّجَ يضرب للشيخ قد استرخى لَحْيَاهُ هَرَمَاً